احتفال بعيد الميلاد في 25 ديسمبر للكاثوليك، وفي 7 يناير يحتفل الأرثوذوكس، فهل يعود الاختلاف إلى خلاف في العقيدة؟.. مع كل عام يُثار ذلك السؤال في أذهان البعض.. فما الحقيقة؟
الاختلاف يعود في الواقع إلى التقويم السائد قديما، ففي البداية كان الشرق والغرب يسيرون على تقويم واحد من حيث طول السنة، حتى جاء مجمع نيقية، الذي قرر أن ميلاد السيد المسيح كان يوم 29 كيهك الموافق 25 ديسمبر، حيث كان يُعتقد أن الاعتدال الربيعي، وهو تساوي عدد ساعات الليل والنهارد، في 21 مارس.
ومجمع نيقية الأول، الذي سُمي نسبة لمكان انعقاده مدينة نيقية الواقعة بالشمال الغربي لآسيا الصغرى، عام 325 ميلادية، هو أحد أهم المجامع التاريخية في تاريخ الديانة المسيحية.
وتم الاتفاق على ذلك اليوم كعيد للميلاد؛ ليكون يوم ميلاد السيد المسيح يقع في أطول ليلة وأقصر نهار فلكيًا، والتي بعدها تزداد فترة النهار، وتقل مدة الليل، في إشارة إلى أنه بميلاد السيد المسيح يزداد النور “النهار” وتنقص الظلمة “الليل”.
وظل ذلك اليوم ثابتًا حتى عام 1582 الذي أصدر فيه البابا جريجوري الثالث عشر، بابا روما، البابا رقم 226 في قائمة باباوات الكنيسة الكاثوليكية، التقويم الجريجوري، لأنه لاحظ وقوع الاعتدال الربيعي في 11 مارس بدلًا من 21 مارس، فحذف 10 أيام من التقويم ليضمن وقوع ذكرى ميلاد السيد المسيح في موقعه الفلكي الصحيح، بعد أن وجد العلماء خللا بالتقويم اليولياني بسبب خطأ في حساب طول السنة.
فالتقويم الذي كان يسود في ذلك الوقت، وهو التقويم اليولياني، الذي وضعه يوليوس قيصر، ذكر أن مدة السنة، هي 365 يوما و6 ساعات، ولكن العلماء لاحظوا أنها 365 يومًا و5 ساعات و48 دقيقة و46 ثانية، أي هناك فرق يساوي 11 دقيقة، ومجموع الفرق منذ عام 325، حتى عام 1582 يساوي حوالي 10 أيام، ولضمان وقوع الأيام في موضعها الصحيح وُضعت قاعدة يتم بموجبها حذف 3 أيام كل 400 سنة، وحتى يومنا هذا بلغ الفرق في التقويم 13 يومًا.
ولكن لم يعمل الأقباط في مصر بهذا التعديل إلا بعد دخول الإنجليز مصر في أوائل القرن العشرين، وفي تلك السنة أصبح 29 كيهك هو 7 يناير بدلًا من 25 ديسمبر، وبالتالي الفرق هنا بسبب خطأ في حساب السنة وليس اختلافات عقائدية.
وفي هذا الشأن، قال الكاتب والباحث بالشأن القبطي كمال زاخر، إن الاختلاف بين الكنيستين في تحديد موعد الاحتفال بعيد الميلاد لا يرجع إلى سبب عقائدي أو إيماني، ولكنه يعود إلى حساب فلكي.
وأكد زاخر، لـ”الشروق”، أن الحقائق التاريخية بشأن هذا الأمر صحيحة فتم وضع التقويم الميلادي عام 1582 بمرسوم بابوي للبابا غريغوريوس الثالث عشر وذلك بعد أن جاء مؤرخ فلكي اكتشف أن هناك خطأ في الحساب وفرق في السنة، وفي اليوم التالي لاكتشافه تم تعديل التقويم.
وتابع: “لكن لم يكن للمرسوم أية سلطة تتجاوز الكنيسة الكاثوليكية، إذ إن التغييرات التي كان يقترحها هي تغييرات في التقويم المدني، والذي لم يكن لديه أية سلطة رسمية عليها؛ وهي تتطلب اعتماد السلطات المدنية في كل بلد ليكون لها تأثير قانوني”.
وأشار إلى ضرورة التفاهم بين الكنائس الكبيرة في هذا الأمر والوصول إلى اتفاق وأهمية وجود طريقة علمية ومنطقية في التفكير لمنع حدوث البلبلة والتشتت خاصًة أن هناك اتفاقا عقائديا والاختلاف في الحسابات فقط.