ليله النصف من شعبان، يتساءل البعض عن فضل ليلة النصف من شعبان وعن معنى رفع الأعمال في شهر شعبان وما الفرق بينها وبين رفع الأعمال يومي الإثنين والخميس من كل أسبوع.
ليلة النصف من شعبان
ورد إلى دار الإفتاء سؤال يقول “هل أعمال العباد ترفع ليلة النصف من شعبان أم خلال الشهر كله؟”.
وهو ما أجاب عنه الشيخ أحمد ممدوح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية قائلا : “ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يكثر من الصيام في هذا الشهر وعند سؤاله عن سبب هذا، قال: “إنه شهر يغفل الناس فيه بين رجب ورمضان وفيه ترفع الأعمال إلى الله فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم”، مؤكدًا أن الذى ورد أن الشهر بجميعه ترفع فيه الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى.
وأضاف “ممدوح”: “أن التابعين قد يحبون أن يحيوا هذه الليلة بالدعاء والعبادة ولبس أحسن الثياب، ويجب على الإنسان أن يحيي هذه الليلة بالعبادة لأنها من أيام النفحات التي ورد في الحديث الصحيح: “أن المولى عز وجل يطلع فيها على عباده فيغفر لهم إلا المشرك والمشاحن”.
وتابع أحمد ممدوح، مدير إدارة الأبحاث الشرعية وأمين الفتوى بدار الإفتاء موضحا : إنه لم يرد نص بالسُنة النبوية يخص ليلة النصف من شعبان برفع الأعمال، مشيرًا إلى أن النصوص وردت بأن الشهر بجميعه تُرفع فيه أعمال العباد إلى الله.
واستشهد «ممدوح» في فتوى له، بما ورد أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يُكثر الصوم في شهر شعبان، فلما سُئل عن ذلك قال: «ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب وبين رمضان، وأنه شهر تُرفع فيه أعمال العباد إلى الله، وأحب أن يُرفع عملي وأنا صائم».
وأكد أنه كما ورد بنصوص السُنة، أن الشهر بجميعه تُرفع فيه أعمال العباد إلى الله تعالى، أما ليلة النصف من شعبان بخصوصها، فقد ورد فيها أحاديث أخرى تُبين فضلها، وكان التابعون من أهل الشام يُحبون أن يُحيوا هذه الليلة بالعبادة، ويلبسون فيها أحسن الثياب.
ماذا يعنى رفع الأعمال
وعن معنى رفع الأعمال فى شهر شعبان والفرق بينه وبين رفعها فى يومي الإثنين والخميس قالت دار الإفتاء : إن معنى رفع الأعمال في شهر شعبان وفى يومى الإثنين والخميس هو أن الأعمال – سواء كانت قولية أو فعلية- تُعرَض على سبيل الإجمال فى شهر شعبان، وهذا يسمى رفعًا سنويًّا، بينما تعرض فى يومى الإثنين والخميس على سبيل التفصيل، ويسمى رفعًا أسبوعيًّا.
وكلاهما ورد في السنة؛ فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: «ذلِكَ شَهْرٌ يغفل الناسُ عنه بين رجبٍ ورمضان، وهو شَهْرٌ تُرفَع فيه الأعمالُ إلى رب العالمين؛ فأُحِبُّ أن يُرفَع عملى وأنا صائمٌ» رواه النسائى.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «تُعرَض الأعمالُ يومَ الإثنينِ والخميسِ؛ فأُحِبُّ أن يُعرَض عملي وأنا صائمٌ» رواه الترمذي.
قال العلامة الهروي في “مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح” (4/ 1422): [قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «تُعرَضُ الأعمالُ» أي على الملك المتعال، «يومَ الإثنينِ والخميسِ» بالجر، «فأُحِبُّ أن يُعرَض عملي وأنا صائمٌ» أي طلبًا لزيادة رفعة الدرجة… قال ابن حجر: ولا ينافي هذا رفعها في شعبان كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: «إنه شَهْرٌ تُرفَع فيه الأعمالُ، وأُحِبُّ أن يُرفَع عملي وأنا صائمٌ»؛ لجواز رفع أعمال الأسبوع مفصلة، وأعمال العام مجملة .
وتابعت دار الإفتاء المصرية: “قال الإمام الشافعي رضي الله عنه في “الأم” (1/ 264): “وبلغنا أنه كان يقال: إن الدعاء يستجاب في خمس ليالٍ: وذكر منها- ليلة النصف من شعبان”.
مشروعية إحياء ليلة النصف من شعبان
وكانت دار الإفتاء المصرية، أكدت أن مشروعية إحياء ليلة النصف من شعبان ثابتٌ عن كثير من السلف، وهو قول جمهور الفقهاء، وعليه عمل المسلمين سلفًا وخلفًا.
فيما قالت دار الإفتاء المصرية في وقت سابق: “ليلة النصف من شعبان ليلة مباركة، ورد في ذكر فضلها عدد كبير من الأحاديث يعضد بعضها بعضًا ويرفعها إلى درجة الحسن والقوة، ومن الأحاديث الواردة في فضلها حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: فَقَدْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَخَرَجْتُ أَطْلُبُهُ فَإِذَا هُوَ بِالْبَقِيعِ رَافِعٌ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ”، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ، أَكُنْتِ تَخَافِينَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ!»، فقُلْتُ: وَمَا بِي ذَلِكَ، وَلَكِنِّي ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَتَيْتَ بَعْضَ نِسَائِكَ، فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَغْفِرُ لأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعَرِ غَنَمِ كَلْبٍ -وهو اسم قبيلة-» رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد واللفظ لابن ماجة.
وحديث معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يَطَّلِعُ الله إِلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ» رواه الطبراني وصححه ابن حبان.