المراهنة مخاطرة، ولها في الشرع معانٍ، منها ما يجوز ومنها ما لا يجوز، فإذا راهنتَ شخصًا على شيءٍ يكون أو لا يكون، ومن يتحقق قولُه له كذا، فإن هذا مقامرةٌ مُحرمة!
والإنسانُ _ في الطبيعي _ لا يُحب المخاطرة، ويسعى دومًا إلى أن يعيش في سلام، لا يُنغصُ أحدٌ عليه حياتَه، لكنّ الحياةَ الهانئةَ على الدوام دون كَدَرٍ أو مُنغصاتٍ أو تعب، لا مكانَ لها على وجهِ الأرض، ولعلك تلاحظ أن الحديثَ عن السعادة لم يَرِدْ في القرآن الكريم إلا في معرِض الحديث عن لحظة الحساب:
” يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ” ( هود _ 105 ).
وفي لحظة دخول الجنة:
” وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا… ” ( هود _ 108 )
في حياة المرء لحظاتٌ صادمةٌ كاشفة يُراهن فيها أو يُعول على موقفٍ أو شخصٍ يُغير الحالَ والمآل.
هناك من يراهن على الوعي، ومن يراهن على التضليل،
من يراهن على حاجة الناس إلى ما عنده، ومن يراهن على حُسن عطائه للناس،
من يراهن على نفوذه وسلطته ومعارفه من الكبار، ومن يراهن على رصيد محبته بين الناس،
من يراهن على ماله وما يمكن أن يفعل به، ومن يراهن على صحبته وأصدقائه،
من يراهن على الزمن وأنه يُنَسِّي ومن يراهن على البلادة!!
من يراهن على صحته، ومن يراهن على ضعف الناس!!
كل امرئٍ يُراهن بحسب ما يريد وما يسعى إليه من مكتسبات، ظانًّا _ أحيانًا _ أنه الفاعل فقط، ولا غيره يتدخل لا قوة عُلوية ولا سُفلية!!
ليس هناك ما يمنع بالطبع أن تتطلع إلى المستقبل، ساعيًا، مُحسِنًا التوكلَ على الله “… وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ” ( الطلاق _ 3 ).
اقرأ أيضا
حازم البهواشي يكتب: إلا خمسة
أنت عزيزي القارئ، علامَ تُراهن بحثًا عن راحتك الآن وسعادتك مستقبلًا؟!
قبل أن تجيب انظر إلى أسوتك رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _، فيمَ وجد راحته؟!
رسول الله قال: ( أرِحنا بها يا بلال ) مشيرًا إلى الصلاة، وموسى عليه السلام وجدها في الحديث إلى الله، وهذا ما تفعله أنت في الصلاة،
رسول الله قال: ( اِرْضَ بما قَسَمَ اللهُ لكَ تكُنْ أغْنَى الناسِ )،
رسول الله قال: ( مَن أصبحَ منكم آمنًا في سربِهِ، مُعافًى في جسدِهِ عندَهُ قوتُ يومِهِ، فَكَأنَّما حيزت لَهُ الدُّنيا )،
رسول الله قال عند النظر إلى الناس وما لديهم من نِعَم الدنيا: ( انظُروا إلى مَن هوَ أسفَل منكُم ولا تَنظُروا إلى من هوَ فوقَكم فإنَّهُ أجدَرُ أن لا تزدَروا ( تستخفوا وتحتقروا ) نِعمةَ اللَّهِ ).
مرة أخرى، أعيد عليك السؤال: عزيزي القارئ، عـلامَ تُـراهِـن؟!