كشف الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، عن السؤال الحادي عشر من مسابقة برنامج «وفوق كل ذي علم عليم»، برعاية مؤسسة أبوالعينين للشؤون الاجتماعية والخيرية.
وقال على جمعة، خلال تقديم برنامج «وفوق كل ذي علم عليم»، المذاع عبر قناة «صدى البلد»، إن سؤال الحلقة الحادية عشر هو: «هي مدين قال عنها النبي (ص) ستفتح عليكم مدينة في خراسان؛ خلف نهر يقال له جيحون تُسمى وذكر اسمها النبي (ص) محفوفة بالرحمة ملفوفة بالملائكة».
وعرض جمعة، 3 اختيارات للإجابة (سمرقند- نيسابور- بخاري)، مؤكدًا أنه يتم الإعلان عن الفائزين يوميًا أثناء إذاعة البرنامج، وللاشتراك في المسابقة الدينية اليومية لبرنامج وفوق كل ذي علم عليم، يتم الاتصال على رقم (59 59).
مدينة بخارى
العدل أبو الفتح أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر الحكمي حدثنا أبو اليسر إملاء حدثنا أبو يعقوب يوسف بن منصور السياري الحافظ إملاء وذكر إسنادا رفعه إلى حذيفة بن اليمان، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ستفتح مدينة بخراسان خلف نهر يقال له جيحون تسمى بخارى، محفوفة بالرحمة ملفوفة بالملائكة منصور أهلها النائم فيها على الفراش كالشاهر سيفه في سبيل الله، وخلفها مدينة يقال لها سمرقند، فيها عين من عيون الجنة وقبر من قبور الأنبياء وروضة من رياض الجنة تحشر موتاها يوم القيامة مع الشهداء، من خلفها تربة يقال لها قطوان، يبعث منها سبعون ألف شهيد يشفع كل شهيد في سبعين ألفا من أهل بيته وعترته، قال فقال حذيفة:
لوددت أن أوافق ذلك الزمان فكان أحب إلي من أن أوافق ليلة القدر في أحد المسجدين مسجد الرسول أو المسجد الحرام.
الفتح الإسلامي لمدينة بخارى
أغلب الروايات تتفق على أن أول من اجتاز النهر من المسلمين إلى جبال بخارى هو عبيد الله بن زياد والي خراسان سنة 54 هـ / 674م، وكان على عرش بخارى في ذلك الوقت أرملة أميرها التي تجمع أغلب المصادر على تسميتها «خاتون» وهو لفظ تركي معناه «السيدة». وقد أرسلت خاتون إلى الترك تستمدهم فلقيهم المسلمون وهزموهم، فطلبت خاتون الصلح والأمان فصالحها عبيد الله بن زياد على ألف درهم. ثم ولَّى الخليفة معاوية بن أبي سفيان (41- 60 هـ/687- 706 م) سعيد بن عثمان بن عفان خراسان سنة 56 هـ، فقطع النهر وغزا سمرقند وحملت خاتون إليه الأتاوي وأعانته بأهل بخارى، ويذكر النرشخي (286- 348 هـ/899- 959 م) أن «خاتون» حكمت 15 سنة بوصفها وصية على ابنها القاصر طغشاده.
ولكن الحكم الإسلامي لم يتوطد في تلك المنطقة إلا في خلافة الوليد بن عبد الملك (86- 96 هـ) حينما ولَّى الحجاج بن يوسف الثقفي أمير العراقين (75- 95 هـ) قتيبة بن مسلم الباهلي خراسان (86- 96 هـ) وأمره بفتح ما وراء النهر.
فتح قتيبة بخارى سنة 90 هـ وكان حاكمها آنذاك «وردان خداه»، الذي استنجد بالسّغد (الصغد) والترك فأنجدوه، لكن قتيبة انتصر عليهم بعد قتال عنيف، وجُرح خاقان الترك وابنه، وملَّك قتيبة طغشاده بخارى بعد أن أجلى خصومه عنها. وقد قُتل طغشاده سنة 121 هـ في معسكر والي خراسان نصر بن سيار الكناني على يد دهقان من دهاقين بخارى. يذكر النرشخي أن أهل بخارى كانوا يُسْلِمون ثم يرتدون حين يغادرهم العرب، فلما فتح قتيبة المدينة رأى أن أفضل وسيلة لنشر الإسلام بين السكان هو أن يُسكِن العرب بينهم، فأمر أهل بخارى أن يعطوا نصف بيوتهم للعرب ليقيموا معهم ويَطَّلعوا على أحوالهم فيظلوا على إسلامهم، ومن الطبيعي أن يجد إجراء قتيبة مقاومة تجلَّت في موقف قوم ذوي قدر ومنزلة رفضوا قسمة بيوتهم ومتاعهم، فتركوها جملة للعرب وبنوا خارج المدينة 700 قصر بقي منها إلى عهد النرشخي قصران أو ثلاثة كانت تسمى قصور المجوس. وبنى قتيبة المسجد الجامع داخل حصن بخارى سنة 94 هـ/712 م وكان ذلك الموضع بيت أصنام، فلما ازداد انتشار الإسلام لم يعد ذلك المسجد يتسع لهم فبُني مسجدٌ آخر بين السور والمدينة في عهد هارون الرشيد (170- 193 هـ).
وقد درج ولاة خراسان في مرو منذ عهد قتيبة على تولية عامل أو أمير إلى جانب الأمير المحلي، وفي القرن الثالث حينما نقل أمراء خراسان مركزهم إلى نيسابور بقيت بخارى تابعة إدارياً للطاهريون ولاة خراسان، حتى سنة 259 هـ/873 م. ثم ولّى نصر بن أحمد الساماني أمير سمرقند أخاه إسماعيل بخارى بناء على طلب أهلها وعلمائها، ولما تُوفي نصر سنة 279 هـ/892 م صار إسماعيل حاكماً لما وراء النهر، واعترف به الخليفة أميراً على خراسان وما وراء النهر. صارت بخارى عاصمة للدولة السامانية ومركز إشعاع للعلوم والصناعة إلا أنها لم تبلغ في العظمة والثروة شأن سمرقند.