الوقتُ هو أكثرُ ما نحتاج إليه وأسوأُ ما نستخدمه! إذا سألْنا أي شخص لماذا لم يُنجز أمرًا ما؟! سيُجيب: أحتاج المزيد من الوقت! فالوقت هو المادة الخام للحياة، وكعادتنا في عدم إدراك الثروات التي نتمتع بها ونستغلها الاستغلال الأمثل، نستحق – نحن المصريين – جائزةَ نوبل في تضييع الوقت وعدم إدراك أهميته – إن وُجدت -!!
نحن مثلا الشعب الوحيد الذي يُحدد المواعيدَ بالفترات: (قابلني بعد العصر، أو بعد المغرب )! أو نحدد موعدًا لا نعنيه بالمرة، كـ (دقيقتين وأكون عندك)، أو (ثواني ستجدني أمامك)، لتمُرّ الساعاتُ الطوال ولا تنتهي تلك الثواني والدقائق!! أو الجُمَل المشهورة بالمصالح الحكومية: (فوت علينا بكرة يا حضرة، هي الدنيا طارت، ربك كريم)، وإن قلَّ استخدامُها هذه الأيام، والفضل يعود للحكومة الرقمية، التي جعلت الموظف يقول: (السيستم واقع)!!
المهم الوقت عندنا في أرض المحروسة بالبركة، لكن بمفهومها المغلوط، لذا تُنْتَزَعُ منه البركة، للدرجة التي يُنظَرُ فيها للشخص الملتزم بمواعيده، الذي يحترم الوقت، على أنه (نِمَكِي ومعَقد)، بل وقد يصل البعض لوصفه بالكئيب!!
متى كان تقديرُ الوقت واحترامُه من الكآبة وقتل الحياة؟! فعِمادُ ديني وقوامُه الوقت وهي الصلاة، بل كل العبادات مرتبطة بالوقت! ألم يدفعك هذا يومًا لتسأل: لماذا؟! لماذا كل العبادات مرتبطة عندنا بنعمة الوقت؟! بل إن حياتنا هي الوقت الذي نقضيه على الأرض، إذن الوقت عملةُ حياتك، وهي العُملة الوحيدة التي تملكها، وأنت الوحيد الذي تستطيع أن تحددَ كيف يجبُ أن تُنفق، فاحرص على ألا تدع الآخرين ينفقونها بالنيابة عنك، أو بالأحرى لا تدع الآخرين يسرقون وقتك أمام عينيك، لا أتكلم هنا عن الهاتف الذي يسرق منك وقتك وحياتك وأعزَّ اللحظات على قلبك، مخزونك الإستراتيجي من الذكريات الجميلة، التي تتحصن بها من قساوة خريف العمر، ولا عن الرفقة غير الصالحة التي تُخَرِّبُ حياتك وتَنهبُ وقتك، ولا عن المال الذي يُنسيك البيتَ والأسرة والأبناء كنزَكَ الحقيقي!! لا سيدي، بل أعني سرقة رُوحِك وإنسانيتِك، التي أصبحت مشاعًا – بإرادتك الحرة – لكلِّ (مَن هَبّ ودَبّ)، يستبيح ربوعها، ويهدم ويبني فيها كما يريد.
اقرأ ايضا
راندا الهادي تكتب: تبرعوا لـ (صافر)!!
راندا الهادي تكتب: امرأة واحدة لا تكفي!!
وقتك ثروتك الحقيقية وقصرك المرصود، لا تُنفقه إلا فيما يفيد، ولا تمنحه إلا لمن يستحقه ويضيف لحياتك وهجا وبريقا، لذا نقول: لا نريد أن نعيش حياةً طويلة، بل نريد أن نعيش حياةً عميقة وإن لم يُمهلنا الوقت ما نريد.