تمر اليوم 30 ابريل الذكري الخامسة والعشرين لرحيل احد اهم فرسان الكلمه والشعر المعاصرين، هو السوري الجرئ نزار قباني، الذي ولد بدمشق في 12 مارس 1923 وعمل بالسلك الدبلوماسي السوري لسنوات طويلة.
قصائد نزار السياسية
كان نزار شاعرًا مثيرًا للجدل حتي قبل قصائده السياسيه العنيفه والتي منعته احيانًا من دخول بعض البلاد العربية، ومن ضمنها مصر والعراق، فالجدل بدء معه في دوواينه الاولي التي تتحدث عن العشق و الغرام، وعلي الرغم من الانتقادات الواسعه التي طالته الا ان هذا لم يمنع الشعراء والنقاد من وصه برئيس جمهوريه الشعر، بينما وصفه الشاعر علي منصور بعمر ابن ربيعه العصر الحديث.
“الحب في العالم العربي سجين، وانا اريد تحريره” كان هذا رد نزار قباني علي من انتقد جرئته في قصائد الغرام، نزار الذي اصدر اول ديوان له في عام 1944 بعنوان قالت لي سمراء، ثم ديوانه الثاني المثير للجدل “طفوله نهد” في عام 1948.
بينما بدات مشاكله السياسيه مع ديوان “قصائد نزار قباني” والذي نشر في 1956، بقصيده “خبز وحشيش وقمر” التي اثارت ضجه شديده في سوريا تحديدًا وصلت لرفع دعوي قضائيه ضد نزار، بال لمناقشتها في البرلمان السوري
وقتها، وقال نزار فيها “اي ضعفً وانحلالْ..
و قداحُ الشاي .. و الاطفالُ..تحتلُّ التلالْ
و يعيشونَ علي الضوء الذي لا يبصرونْ..
حيث يحيا الناسُ من دونِ عيونْ..
منذ ان كانوا يعيشونَ اتكالْ..
ايُّها النبع الذي يُمطر ماسْ..
ايها الشيءُ الذي ليس يصدَّق”..
للملايين التي عطَّلت فيها الحواسْ”.
وهو الامر الذي دفع نزار الي اعاده نشر القصيده خارج سوريا بعدما تم منعها.
وزادت حده الانتقادات الموجه لقباني والجدل الدائر حوله بعد قصيده هوامش من دفتر النكسه والتي هاجم فيها الحاله العربيه التي ادت الي نكسه 1967، ووجه هجومًا شديدًا للانظمه العربيه وسياستهم وقال قباني في قصيدته:
اذا خسرنا الحربَ لا غرابهْ
بكلِّ ما يملكُ الشرقيُّ من مواهبِ الخطابهْ
بالعنترياتِ التي ما قتلت ذبابهْ
اما المرحله الثالثه من الجدل الدائر حول نزار كان بسبب قصيده مواطنون دونما وطن، والتي القها في مهرجان المريد الخامس ببغداد عام 1985 واتسمت بجراه نزار الشديده، حيث وصفها الشاعر المصري “احمد عبدالمعطي حجاز” انها وصلت الي حد السباب، وكان حاضر الاحتفاليه وزير الاعلام العراقي وقتها لطيف نصيف جاسم، والذي انزعج بشده من القصيده لدرجه دفعته لمنع استضافه نزار قباني في العراق مره اخري، وقال نزار في قصيدته الممنوعه :
“معتقلون داخل النص الذي يكتبه حكامنا
معتقلون داخل الدين كما فسره امامنا
معتقلون داخل الحزن ..واحلي ما بنا احزاننا
مراقبون نحن في المقهي ..وفي البيت
حيث تلفتنا وجدنا المخبر السري في انتظارنا
اذا تظلمنا الي حامي الحمي
واذا تضرعنا الي رب السما
وان هتفنا .. يا رسول الله كن في عوننا
يعطوننا تاشيره من غير ما رجوع
وان طلبنا قلماً لنكتب القصيده الاخيره
يا وطني المصلوب فوق حائط الكراهيه
نزار قباني
نزار بن توفيق القباني (1342 – 1419 هـ / 1923 – 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رواد المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان «قالت لي السمراء» وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها «طفولة نهد» و«الرسم بالكلمات»، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم «منشورات نزار قباني» وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما «القصيدة الدمشقية» و«يا ست الدنيا يا بيروت». أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب «النكسة» مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه «شاعر الحب والمرأة» لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته «هوامش على دفتر النكسة» عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة: (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).
على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته «الأمير الخرافي توفيق قباني». عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة «متى يعلنون وفاة العرب؟»، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.
آخر أيام نزار قباني
بعد مقتل زوجته بلقيس، غادر نزار لبنان وكان يتنقل بين باريس وجنيف حتى استقر في النهاية في لندن حيث قضى الخمسة عشرة عامًا الأخيرة من حياته، واستمرّ بنشر دواوينه وقصائده المثيرة للجدل خلال فترة التسعينيات ومنها «متى يعلنون وفاة العرب؟» و«المهرولون».
في عام 1997 كان قباني يعاني من تردي في وضعه الصحي وبعد عدة أشهر توفي في 30 أبريل 1998 عن عمر ناهز 75 عامًا في لندن. بسبب أزمة قلبية. في وصيته والتي كان قد كتبها عندما كان في المشفى في لندن أوصى بأن يتم دفنه في دمشق التي وصفها في وصيته:
«الرحم الذي علمني الشعر، الذي علمني الإبداع والذي علمني أبجدية الياسمين»
دُفن قباني في دمشق بعد أربعة أيام حيث دفن في باب الصغير بعد جنازة حاشدة شارك فيها مختلف أطياف المجتمع السوري إلى جانب فنانين ومثقفين سوريين وعرب. ولقد كتبت عن جنازته الدكتورة ناديا خوست ما يلي: «… وكانت طائرة خاصة سورية أرسلها الرئيس السوري قد نقلت جثمانه من لندن إلى دمشق. فخطف الدمشقيون تابوته، وحملوه على الأكتاف في موكب شعبي لم تشهد دمشق مثله إلا يوم تشييع رجل الاستقلال فخري البارودي مؤلف الأناشيد التي تناقلتها الشعوب العربية. حمله الناس إلى الجامع الأموي…وصلوا عليه، ثم حملوه على أكتافهم إلى المقبرة. قطعوا دمشق من شمالها إلى جنوبها مشيا.»