وداد محمد كامل تكتب: طوفان الأقصى تهدم خرافة النمر الورقي

وجهات نظر , Comments Disabled

في يوم ١٥ سبتمبر ٢٠٢٣ أعلن رئيس مركز بحوث الأمن القومي INSS الجنرال احتياط تامير هايمن تقديرات المركز للسنة الجديدة من حيث التحديات التي يواجهها الإحتلال الإسرائيلي في السنة الجديدة من خلال مقال نشرته القناة ١٢ الخاصة بتلفزيون الإحتلال الإسرائيلي وما يهمنا من تلك التحديات هو: “التحدي الثاني والذي يتعلق بالتخوف من انتفاضة فلسطينية ثالثة، يقودها جيل الشباب المنتظمين محلّيا على شكل خلايا المقاومة”.

إلا أن حكومة الإحتلال قادته وساسته المنقسمين بين تأيد ومعارضة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لم تتوقع ما حدث صباح اليوم. وهذا ما أشارت إليه صحيفة “يديعوت أحرونوت” الخاصة بالإحتلال الإسرائيلي: “مسؤولون كبار قالوا خلال الأسابيع الأخيرة أن حماس مردوعة ولا تتجه لأي تصعيد”.

بدأت كتائب القسام الجناح العسكري لحماس، صباح اليوم السبت -السابع من اكتوبر عام ٢٠٢٣- عملية “طوفان الأقصى” بإطلاق أكثر من ٥ آلاف صاروخ من قطاع غزة. وأكد صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس “نحن نفتح معركة ستتسع وتتصاعد وتتعمق، وهدفها حرية شعبنا ومقدّساته، وحقّنا أن نكون أحرار آمنين في وطن حر ومستقل” كما أكد على إستعداد المقاومة لكل الاحتمالات المتوقعة بما فيها الدخول البري للعدو قائلا: “إذا أراد العدو التصعيد فلدينا ما يمكننا من المواجهة ومستعدون للتصعيد إلى أبعد الدرجات.”

يعتبر هذا الهجوم هو الأول من نوعه منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، وأيضا جاء في وقت رمزي بالنسبة لإسرائيل، حيث غداة إحياء الذكرى الخمسين لحرب ١٩٧٣، التي كانت بمثابة هزيمة كبرى.

اتفقت جميع وسائل الإعلام الخاصة بالإحتلال الإسرائيلي على عنصر المفاجأة في هذه الهجمات الشرسة حيث ذكر موقع والا الخاص بالاحتلال الإسرائيلي: “لقد انتصرت حماس بالفعل بهذه الجولة – إن حقيقة أن التنظيم تمكن من مفاجأة أفضل المخابرات وأكثرها خبرة في العالم والاستهزاء بأقوى نظام أمني في الشرق الأوسط، وأنه تمكن من السيطرة على الحدث لساعات طويلة، لن تمحى من أذهان اللاعبين في المنطقة”.

هذا ويعتبر عنصر المفاجأة عاملاً مشتركًا بين هجمات حماس التي بدأت هذا الصباح وبين حرب ١٩٧٣، التي شنتها مصر وسوريا على إسرائيل في السادس من أكتوبر، وهو أنها كانت مفاجئة تمامًا، وهو ما يزيد من فعالية هذه العمليات الكبيرة والمعقدة والقوية، التي لم تلفت انتباه الجهات المختصة.

أسفرت هجمات المقاومة الفلسطينية في يومها الأول -السابع من اكتوبر ٢٠٢٣م- عن عشرات الأسرى وما لا يقل عن ٢٥٠ قتيل من المحتلين الصهاينة و ١٥٠٠ جريح منهم المئات مصابين إصابات خطيرة.
فيما ارتفع عدد الشهداء الفلسطينيين في قطاع غزة إلى ٢٣٢ شهيدًا، وأصيب نحو ١٦٩٧ آخرون بجروح مختلفة، جراء غارات طائرات الاحتلال الإسرائيلية التي استهدفت مناطق متفرقة في القطاع.
وفيما يخص مسألة الأسرى من المحتلين الصهاينة فقد أعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام عن أسرها عدد كبير من جنود الاحتلال من بينهم الجنرال “نمرود ألوني”.
وفي هذا أشار المتحدث الرسمي لكتائب عز الدين القسام أبو عبيدة: “أعداد أسراكم أكثر مما أعلن نتنياهو بأضعاف مضاعفة وهم موجودين بكل المحاور في قطاع غزة، وسيجري عليهم ما يجري على أهالي قطاع غزة، وإياكم أن تخطئوا بالتقدير”.
وأيضاً نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري: “ما بين أيدينا سيحرر جميع الأسرى في سجون الاحتلال”.
ومن جانب الاحتلال قال المحلل الإسرائيلي، يوسي ميلمان: “لا شك أن حماس ستطالب بصفقة تبادل أسرى غير مسبوقة، لديهم جثث ورهائن وأسرى وسيطالبون بالإفراج عن آلاف الأسرى الفلسطينيين”.
وفي ظل تصاعد التوترات مع غزة، دعى رئيس المعارضة يائير لابيد إلى تشكيل حكومة طوارئ وقال لابيد إن الحكومة الحالية غير قادرة على إدارة حرب، وأن حكومة الطوارئ ستكون أكثر كفاءة في التعامل مع التحديات الأمنية. وأضاف أن تشكيل حكومة طوارئ سيرسل رسالة إلى الفلسطينين والعالم بأن إسرائيل متحدة وموحدة في مواجهة العدوان.
لا خلاف في وسائل إعلام الاحتلال الإسرائيلي على فشل حكومة نتنياهو منذ للوهلة الأولى لهجمات المقاومة، بل وصرحت المواقع الإخبارية الإعلاميةبذلك، فمثلا صحيفة “مكور ريشون” العبرية: “بعد 4 ساعات من إعلان الحرب علينا تحركت طائرات الجيش “الإسرائيلي”، ما هذا العار الذي نحن فيه؟”
كما اعترف إعلام الاحتلال بتفوق المقاومة أيضاً ونجاحها في السيطرة على المغتصبات المحتلة في غلاف غزة حيث؛ أعلنت هيئة البث الإسرائيلية: “المسلحون تسللوا إلى إسرائيل من الجو والبر والبحر”. وهذا مراسل عسكري صهيوني لصحيفة “يديعوت أحرنوت”: “حماس حققت كل صور النصر الممكنة عند بدء هجومها” . كما صرح موقع الصحيفة ذاتها: “اختراق خط الدفاع بأكمله في محيط قطاع غزة والجيش يحاول السيطرة على ما يحدث”.
هذا وقد شددت بعض الدول الإسلامية والعربية على ضرورة ضبط النفس من كلا الطرفين وعلى رأسهم جمهورية مصر العربية حيث “دعت في بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية الي ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وتجنب تعريض المدنيين للمزيد من المخاطر”.
وحذر البيان من “تداعيات خطيرة نتيجة تصاعد حدة العنف، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر سلبا على مستقبل جهود التهدئة”.
كمت أوضح المتحدث باسم الخارجية المصرية، أن “مصر تقوم باتصالات مكثفة على المستويات كافة لاحتواء الأزمة الحالية”، كاشفًا أن الاتصالات التي يجريها وزير الخارجية في هذا الشأن تتركز على الأطراف الدولية ذات التأثير، لضمان توحيد الجهود واتساقها وتجنيب المنطقة المزيد من عوامل التوتر وعدم الاستقرار، والحيلولة دون خروج الوضع عن السيطرة”.
وأصدرت وزارة الخارجية السعودية بيانا دعت فيه للوقف الفوري للتصعيد بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وحماية المدنيين، وضبط النفس.
وأيضاً أصدرت وزارة الخارجية التركية، بياناً رسمياً، عبرت من خلاله عن قلقها إزاء أعمال “العنف والتوتر” في إسرائيل وفلسطين.
لا شك أن معركة طوفان الأقصى وجّهت ضربة مؤلمة لمنظومة الاحتلال العسكرية والأمنية والاجتماعية. ولا شك كذلك أنها أثبتت للعالم أجمع خرافة “أن جيش الاحتلال الإسرائيلي وجهاز مخابراته وساسته وقادته إلى أصغر فرد في مؤسساته مجرد نمر من ورق”
وأخيراً وجبت الإشارة إلى مقولة مأثورة لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه وأرضاه “إذا ضربت فأوجع، إن العاقبة واحدة”. وهذا ما طبقته المقاومة الفلسطينية منذ الصباح الباكر سدد الله رميهم.

اقرأ أيضا

وداد محمد كامل تكتب: السلاح النووي مفتاح التطبيع السعودي الإسرائيلي 
وداد محمد كامل تكتب: الموقف الإسرائيلي اليهودي من الحرب الروسية الأوكرانية
• الكاتبة متخصصة في الشأن الإسرائيلي

بحث

ADS

تابعنا

ADS