الصدقة أفضل أم العمرة .. قالت دار الإفتاء المصرية، إن من نعم الله- عز وجل- على أمتنا؛ تلك النصوص المبهرة التي فتحت آفاق العقل المسلم ليكون أكثر نضجًا في التعامل مع حياته بكل مفرداتها.. لا يقف عند أحكام جامدة لا تتحرك فتصيبه بجمود في مشاعره وبلادة في عقله، ولكنها نصوص متحركة بحركة الزمان والمكان والأحداث، تفتح آفاق العقول، وتستعيد التواصل بين السماء والأرض بفهم راق وتطبيق إنساني تقف أمامه الحضارة الحديثة ومدنيتها متضائلة أمام عظمة تلك النصوص وهذا الفهم.
وتابعت الإفتاء: أينما وليت وجهك وتأملت في تراثنا الإسلامي العظيم رأيت الفقهاء يؤكدون تلك المعاني، ويعلنون أن النصوص الإسلامية في مصدري التشريع قرآنًا وسنة.. هي نصوص قادرة على التواؤم مع العصور المختلفة ومع الأحداث المتباينة لتعلن للعالم كله أنها قادرة على القيادة في كل زمان ومكان.
وأضافت، أن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، تحدث بلغة واضحة لا لبس فيها فيقول: “في آخر الزمان يكثر الحاجُّ بلا سبب، يهون عليهم السفر، ويُبسط لهم في الرزق، ويرجعون محرومين مسلوبين، يهوي بأحدهم بعيره بين الرمال والقفار، وجاره مأسور إلى جانبه لا يواسيه” (الإحياء، طبعة الحلبي، 3/397).
ونوهت إلى أن الإمام أهل السنة والجماعة الإمام أحمد بن حنبل الذي فهم الشريعة الإسلامية كما يجب أن تفهم.. وقرر: “أن التصدق للفقراء أولى إن كان ثمَّ رحمٌ محتاجة أو زمن مجاعة”، وهو أيضًا رأى الحسن- رضي الله عنه- إذ يقول: “إن صلة الرحم والنفس عن المكروب أفضل من التطوع للحج”، بل يقول: “مشيك في حاجة أخيك المسلم خيرٌ لك من حجةٍ بعد حجة”. [انظر هذه الأقوال في لطائف المعارف لابن رجب (324 و352].
وقال الإمام الحسين بن علي عليهما السلام: “لَأَنْ أَقُوتَ أَهْلَ بَيْتٍ بِالْمَدِينَةِ صَاعًا كُلَّ يَوْمٍ، أَوْ كُلَّ يَوْمٍ صَاعَيْنِ شَهْرًا، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حَجَّةٍ فِي إِثْرِ حَجَّةٍ”.
وأخرج الحافظ أبو نعيم في “حلية الأولياء” عن الإمام بشر بن الحارث الحافي رحمه الله تعالى أنه قال: “الصدقة أفضل من الحج والعمرة والجهاد”، ثم قال: “ذاك يركب ويرجع ويراه الناس، وهذا يعطي سرًّا لا يراه إلا الله عز وجل”.
وقامت دار الإفتاء المصرية بإطلاق هاشتاج بعنوان #الصدقة_أولى، متضمنًا دعوة تبرع للوطن ولأبنائه من الذين تقدموا لأداء العمرة الرمضانية، وحالت ظروف انتشار فيروس كورونا دون قدرتهم على تحقيق رغبتهم في زيارة بيت الله الحرام ومدينة الرسول عليه السلام، وشددت دار الإفتاء في الهاشتاج الذي أطلقته على أن الصدقة لكفاية وسد حاجة الفقراء والمساكين والذين فقدوا أعمالهم بسبب توقف حركة الحياة له ثواب جزيل من الله تعالى؛ لتحقيقه مقصدًا من المقاصد الشرعية بإحياء النفس، تطبيقًا لقاعدة الساجد قبل المساجد، والإنسان قبل البنيان.