تعرف الجنابة بكونها وصف للرجل والمرأة إذا حصل بينهما جماع، أو نزول المني بشهوة حتى من غير جماع، وبعد ذلك يوجب على كلّ منهما التطهر والغسل، كما قال الله تعالى في قرآنه الكريم: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} وقال تعالى في سورة النساء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} وينبغي أن يعلم الزوجان أن موجبات الغسل في الجماع أمرين؛ هما الإيلاج ونزول المني، وفيما يأتي بيان لحكم الصوم على جنابة.
حكم الصوم على جنابة حسب ما جاء عن ابن باز من فتوى أنه يجوز للصائم أن يصبح جنبًا ثم يغتسل، فإذا جامع في الليل ثم أصبح واغتسل بعد الفجر فلا حرج عليه، فعن عائشةَ وأمِّ سلمةَ رَضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُدرِكُه الفجرُ وهو جنُبٌ مِن أهلِه، ثمَّ يغتسلُ ويصومُ وعليه فلا بأس أن يجامع الإنسانُ في آخر الليل ثم يتسحر، ثم يغتسل بعد آذان الفجر.
ولا بد من معرفة أن للجنابة حالات، إن كانت قد وقعت في الليل بأن جامع أهله في آخر الليل ثم أصبح قبل أن يغتسل فلا حرج والصوم صحيح، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يجامع أهله في الليل ومن ثم يصبح ويغتسل بعد الصباح عليه السلام، أما إن كانت الجنابة في النهار، يعني جامع أهله في النهار، فهو آثم وعاصٍ لربه، ويبطل صومه وعليه كفارة، فإذا كان قد تعمد ذلك عليه كفارة عتق رقبة، فإن عجز صام شهرين متتابعين، فإن عجز أطعم ستين مسكينًا لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : [أنَّ رجلًا جاء إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يستفتيه وهي تسمَعُ مِن وراءِ البابِ فقال: يا رسولَ اللهِ تُدرِكُني الصَّلاةُ وأنا جُنبٌ أفأصومُ ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (وأنا تُدرِكُني الصَّلاةُ وأنا جُنبٌ فأصومُ) فقال: لسْتَ مِثْلَنا يا رسولَ اللهِ غفَر اللهُ لك ما تقدَّم مِن ذنبِك وما تأخَّر قال: (واللهِ إنِّي لأرجو أنْ أكونَ أخشاكم للهِ وأعلَمَكم بما أتَّقي).
الطهارة ليست شرطا في صحة الصيام ، وقد روت عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ، ثم يغتسل ويصوم . رواه البخاري (1926) ومسلم (1109) وعند مسلم ” من غير احتلام ” وإذا كان هذا في الجماع فالاحتلام مثله وأولى ، لأن الجماع باختيار الإنسان ، والاحتلام لا اختيار فيه .
وقد أجمع العلماء على صحة صوم الجنب بسبب الاحتلام ، قال الماوردي : ” وأجمعت الأمة على أنه إن احتلم في الليل وأمكنه الاغتسال قبل الفجر فلم يغتسل وأصبح جنبا بالاحتلام أو احتلم في النهار فصومه صحيح “.
يجب التنبيه أولًا، وكما ذكرنا سابقًا في هذا المقال بأنه يجوز تأخير الغسل من الجنابة إلى وقت يمكن فيه الاغتسال مع ضرورة إدراك الصلاة على وقتها، أما إذا كان الشخص جُنبًا وتأخر في النوم ولم يتمكن من الاستيقاظ في وقت يمكنه فيه الغسل والصلاة فصلى بعد طلوع الشمس فلا إثم عليه، إلا أن بعض أهل العلم قالوا بوجوب الأخذ بالأسباب للاستيقاظ؛ كضبط المنبه، وتوكيل شخص آخر لإيقاظه، وبالتالي فإن تقصيره في الأخذ بالأسباب يترتب عليه الإثم، أما فيما يتعلق بتأخير الطهارة من الجنابة حتى خروج وقت الصلاة فإنه من التفريط وإضاعة الصلاة، وإخراج الصلاة عن وقتها كتركها.