تمر اليوم ذكرى رحيل العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ (1929- 1977 والذي رحل في مثل هذا اليوم 30 مارس في لندن عن عمر يناهز السابعة والأربعين عاماً، بسبب الدم الملوث.
وكان عبد الحليم حافظ تعرض لأزمة صحية بسبب الدم الملوث الذي نقل إليه حاملاً معه التهاب كبدي فيروس سي الذي تعذر علاجه مع وجود تليف في الكبد ناتج عن إصابته بداء البلهارسيا منذ الصغر كما قد أوضح فحصه في لندن، ولم يكن لذلك المرض علاج وقتها وبينت بعض الآراء أن السبب المباشر في موته هو خدش المنظار الذي أوصل لأمعائه مما أدى إلى النزيف وقد حاول الأطباء منع النزيف بوضع بالون ليبلعه لمنع تسرب الدم ولكن عبد الحليم مات ولم يستطع بلع البالون الطبي.
عبد الحليم حافظ وسعاد حسني
وكشف الفنان سمير صبرى وهو من المعاصرين لعبد الحليم وشارك معه فى أعمال فنية، وربطت بينهما صداقة، وكتب عنه فى مذكراته “حكايات العمر كله” التى صدرت عن “الدار المصرية اللبنانية”.
ويقول سمير صبرى كنت أحد الشهود على قصة حبه لـ سعاد حسنى، وغيرته عليها لمدة أربع سنوات، يأخذنا فى سيارته الفيات السوداء، وهى واحدة من 5 سيارات يملكها، ويقودها بحثا عن سعاد.
يذهب أولا إلى منزلها ليرى إن كانت سيارتها موجودة أم لا، ثم يمر على بعض العمارات التى اعتادت سعاد الذهاب إليها للعب “الكوتشينة” مع أصدقائها، فهى كانت تدمن البوكر، وينادى حليم على البواب ويسأله عن الموجودين فى شقة فلان، ويقف تحت العمارة نصف ساعة أو ساعة، فى انتظار سعاد، ثم يمل ويرحل، كان حليم يغير عليها بشدة، حتى من مجرد لعبة الكوتشينة.
أربع سنوات من الحب والغيرة الشديدة والغضب من فوضاوية سعاد، حيث كان حليم منظما جدا، ولكنى خلال هذه السنوات الأربع، لم أشهد واقعة زواج ولم أرى وثيقة زواج، ولم تسكن سعاد شقة حليم، أوالعكس.
سعاد حسني وصفوت الشريف
ثارت حول السندريلا كثير من الأقاويل حول تجنيدها من قبل المخابرات المصرية فى الستينات، وبحسب ما جاء بأكثر من صحيفة مصرية فقد جاء فى مذكرات سعاد حسني أن صفوت الشريف صوّر لها 18 فيلما إباحيا خلال فترة تعاونها مع المخابرات المصرية، وأن العقيد الليبي الراحل معمر القذافي عرض مبلغ 100 مليون جنيه لشرائها، كما أكدت أنها أبلغت مبارك بمضايقات الشريف، وبدلاً من إبعاده عنها أرسله إليها في لندن، حيث تشاجرت معه وجرحته بسكين.
وبحسب نفس الصحف فقد بدأت سعاد رحلتها مع الضابط صفوت الشريف عام 1964، حين طلبها فى مكتبه، وفاتحها فى شأن العمل معه لخدمة الصالح العام.
لم تفهم السندريلا معنى الجملة التى قالها الشريف، فإذا به يفسر له مقصده، لترد هى بصفعة قوية على وجهه، توقعت سعاد أن يكون رد الشريف عنيفا، لكنه عرض عليها أول فيلم صوره لها مع صديق فانهارت بعد أن هددها بهدم حياتها الفنية ومن هنا قررت العمل معه، وقالت سعاد إن عدد الأفلام التي صورها لها صفوت الشريف بلغت 18 فيلما أبيض وأسود، مدة الفيلم منها 15 دقيقة، أُعدت في عيادة لهذا الغرض، وبعد ساعات العمل الرسمية كانت العلاقة عادية مع صديق لها اكتشفت في مكتب صفوت أنه كان عميلا تم تجنيده لاستدراجها بعد أن وضع لها مخدرا في الشراب.
تدخل عبد الحليم حافظ
كانت العلاقة بين السندريلا سعاد حسني وعبدالحليم حافظ قوية للغاية، الأمر الذى جعلها تكشف له عن طبيعة ما جري معها، وفى الوقت نفسه طلبت من صفوت الشريف أن تتوقف لأنها ستتزوج حليم، لكن الشريف استدعي العندليب إلى مكتبه وجعله يشاهد أحد أفلام سعاد، وطلب منه الابتعاد عنها لصالح مصر.
كانت الصدمة كبيرة وعنيفة على العندليب الذى تعرض لنزيف قوى خلال عودته إلى بيته، لكنه أصر على أن يخبر الرئيس جمال عبدالناصر بكل ماجري، وفى 1968 أصدر عبد الناصر قرارات مهمة منع فيها باسم رئيس الجمهورية استغلال المصريات في أي عملية أمنية من هذا النوع، كما طلب أفلام سعاد حسني كلها من واقع أرشيف عملية صفوت الشريف، وأشعل جمال النار في الشرائط، وبعد أن تأكد من أنه أعدمها بنفسه، اتصل بعبد الحليم حافظ وقال له : “مبروك.. وعد الحر دين عليه يا حليم”، وأخبر عبد الحليم أنه وسعاد أحرار، لكن حليم كما كتبت سعاد فى مذاكراتها كان لديه شرخ نفسي من ناحيتها منعه عنها حتى مات.
رحلة عبد الحليم حافظ
وولد عبد الحليم حافظ في قرية الحلوات التابعة لمركز الإبراهيمية محافظة الشرقية، وهو الابن الأصغر بين أربعة إخوة هم إسماعيل ومحمد وعليا. توفيت والدته بعد ولادته بأيام وقبل أن يتم عبد الحليم عامه الأول توفي والده ليعيش اليتم من جهة الأب كما عاشه من جهة الأم من قبل ليعيش بعدها في بيت خاله الحاج متولي عماشة.
مرض البلهارسيا
كان يلعب مع أولاد عمه في ترعة القرية، ومنها انتقل إليه مرض البلهارسيا الذي دمّر حياته.
ولقد قال مرة أنا ابن القدر، حيث أجرى خلال حياته واحد وستين عملية جراحية.
كان حليم الابن الرابع وأكبر إخوته هو إسماعيل شبانة الذي كان مطرباً ومدرساً للموسيقى في وزارة التربية. التحق حليم، بعدما نضج قليلا في كتاب الشيخ أحمد؛ ومنذ دخول العندليب الأسمر للمدرسة تجلّى حبه العظيم للموسيقى حتى أصبح رئيسا لفرقة الأناشيد في مدرسته. ومن حينها وهو يحاول الدخول لمجال الغناء لشدة ولعه به.
التحق بمعهد الموسيقى العربية قسم التلحين عام 1943. حين التقى بالفنان كمال الطويل, كان عبد الحليم طالبا في قسم تلحين، وكمال في قسم الغناء والأصوات، وقد درسا معا في المعهد حتى تخرجهما عام 1948 ورشح للسفر في بعثة حكومية إلى الخارج لكنه ألغى سفره وعمل 4 سنوات مدرساً للموسيقى بطنطا ثم الزقازيق وأخيرا بالقاهرة.
ثم قدّم استقالته من التدريس والتحق بعدها بفرقة الإذاعة الموسيقية عازفا على آلة الأوبوا عام 1950.
تقابل مع مجدي العمروسي في 1951 في بيت مدير الإذاعة في ذلك الوقت الإذاعي فهمي عمر. اكتشف عبد الحليم شبانة الإذاعي حافظ عبد الوهاب الذي سمح له باستخدام اسمه “حافظ” بدلا من شبانة.
وفقاً لبعض المصادر فإن عبد الحليم أُجيز في الإذاعة بعد أن قدم قصيدة “لقاء” كلمات صلاح عبد الصبور، ولحن كمال الطويل عام 1951، في حين ترى مصادر أخرى أن إجازته كانت في عام 1952 بعد أن قدم أغنية “يا حلو يا أسمر” كلمات سمير محجوب، وألحان محمد الموجي، وعموماً فإن هناك اتفاقاً أنه غنّى (صافيني مرة) كلمات سمير محجوب، وألحان محمد الموجي في أغسطس عام 1952 ورفضتها الجماهير من أول وهلة حيث لم يكن الناس على استعداد لتلقّي هذا النوع من الغناء الجديد.
ولكنه أعاد غناء “صافيني مرة” في يونيو عام 1953، يوم إعلان الجمهورية، وحققت نجاحاً كبيراً، ثم قدّم أغنية “على قد الشوق” كلمات محمد علي أحمد، وألحان كمال الطويل في يوليو عام 1954، وحققت نجاحاً ساحقاً، ثم أعاد تقديمها في فيلم “لحن الوفاء” عام 1955، ومع تعاظم نجاحه لُقّب بالعندليب الأسمر.
جنازة عبد الحليم حافظ
حزن الجمهور على وفاة عبد الحليم حافظ حزناً شديداً حتى أن بعض الفتيات من مصر انتحرن بعد معرفتهن بهذا الخبر. وقد تم تشييع جثمانه في جنازة مهيبة لم تعرف مصر مثلها سوى جنازة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر والفنانة الراحلة أم كلثوم سواء في عدد البشر المشاركين في الجنازة الذي بلغ أكثر من 2.5 مليون شخص، أو في انفعالات الناس الصادقة وقت التشييع.