أزمات لا تنتهي.. لبنان تحت وطأة أزمة وقود تشل الحياة والحلول “ترقيعية”

Uncategorized , Comments Disabled

تعيش لبنان أزمة اقتصادية حادة ألقت بظلالها على جميع مناحي الحياة للمواطن اللبناني ، وتعد أزمة الوقود والنزين أحد أوجه هذه الأزمة المعقدة والمركبة . فقد شهدت محطات الوقود في العاصمة اللبنانية بيروت وفي أنحاء متفرقة من البلاد زحاما شديدا لتموين السيارات بالبنزين اليوم ، تحسبا لما تردد عن حدوث نقص في الوقود خلال الأيام المقبلة لتأخر وصول البواخر المحملة بالمشتقات البترولية ضمن تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية. نقص الوقود ضرب المصانع والشركات في جميع أنحاء لبنان، مما يهدد بوقف التصنيع والتسليم والنقل في بلد يعاني من أسوأ أزمة اقتصادية في زمن السلم.


أزمة حادة تلقي بظلالها على الخبز والكهرباء وتشل الحياة


تفاقمت أزمة نقص الوقود في لبنان في الآونة الأخيرة، إذ لم تتمكن غالبية القطاعات الحيوية في البلاد بما في ذلك النقل والصناعة من الحصول على احتياجاتها من الديزل والمازوت، مما يهدد بتعطل الحياة الاقتصادية في البلاد. وتتزامن هذه المشكلة مع الاضطراب الاقتصادي الشديد في البلاد، تأثراً بالهبوط المستمر لقيمة الليرة اللبنانية أمام الدولار، وما يتصل بها من أزمة المصارف اللبنانية وتآكل قيمة مدخرات المودعين.
وبات مشهد اصطفاف السيارات أمام محطات التموين لساعات طويلة، للحصول على احتياجاتهم من البنزين، معتاداً في الأسابيع الأخيرة، في حين أن كثيراً من المصانع والمخابز تعمل حالياً بأقل من نصف طاقتها في ظل نقص الديزل والمازوت. كما دفعت أزمة الوقود إلى تراجع قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على توفير الكهرباء لتصل ساعات التقنين في بعض من المناطق إلى أكثر من 20 ساعة يومياً، وبالمثل قوضت الأزمة من دور المولدات الخاصة كبديل فعال للمحطات الكهربائية الحكومية. وبالأساس، يبلغ قدرة محطات الكهرباء اللبنانية 2350 ميجاوات، مما يفي بنسبة لا تزيد عن 65% من الاحتياجات الفعلية للبلاد. ويتم سد الفجوة في الإنتاج عن طريق المولدات الكهربائية التي تديرها الشركات الخاصة، وتتلقى من العملاء رسوماً نظير التيار الكهربائي الواصل إليهم. وفي ضوء شح الوقود بالسوق، نشأت سوق سوداء واسعة في لبنان لبيع المنتجات مثل الديزل والمازوت إلى جانب البنزين، حيث استغل موزعو الوقود الأوضاع الحالية وقاموا بتخزين المشتقات النفطية من أجل بيعها بأسعار عالية للمستهلكين. ونتيجة لذلك، اضطر ذلك أصحاب المولدات الخاصة رفع أسعار تعريفة الكهرباء للعملاء، فيما حصل أصحاب السيارات الخاصة والمركبات التجارية على أسعار بالنزين بأسعار أعلى من السوق كثيراً.

قراءة المزيد

• برعاية نصر الله.. لقاء تقريب وجهات النظر بين حماس والجهاد في لبنان

• لبنان لا يجد القمح و حسن نصر الله يلوح بحرب مع إسرائيل


وفي ضوء المعطيات السابقة، ارتفعت أسعار نقل الأفراد والبضائع بشكل لافت ، ومما يعد ضمن الأسباب الرئيسية في حدوث موجة تضخمية في لبنان. وتجدر الإشارة هنا أن استيراد الوقود في لبنان عبر آلية يوفر بموجبها مصرف لبنان (البنك المركزي) 85% من تكلفة الاستيراد وفق سعر الصرف الرسمي، بينما يدفع المستوردون نسبة الــــ 15% المتبقية، وذلك وفق سعر الصرف في السوق السوداء الذي تجاوز 18 ألفاً في الفترة الماضية، مما يعني أن آثار تدهور سعر الصرف تنعكس على المستهلكين النهائيين في قطاع النقل والكهرباء.
معاناة المواطن اللبناني
لم يعد باستطاعة ذوي الدخل المحدود الوصول إلى أماكن عملهم بسبب ارتفاع تكلفة التنقل، ما يعني فقدانهم مصدر تأمين احتياجاتهم الغذائية، فيما يقتصر التنقل بين المدن والقرى الآن على الظروف الطارئة فقط بسبب نفاد الوقود، كما أن أزمة انقطاع التيار الكهربائي وصلت إلى حد التقنين لـ22 ساعة يوميا. ومع فقدان الليرة المحلية أكثر من 90% من قيمتها منذ خريف عام 2019، تفاقمت أزمة البلاد المالية التي وصفها البنك الدولي بأنها “من بين أسوأ ثلاث أزمات في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر من حيث تأثيرها على مستويات المعيشة”، ومعها، تفاقمت مشكلات البلاد التي أحيت الذكرى الأولى لانفجار بيروت قبل أسابيع.
في الوقت الذي تعد فيه الأزمات الاقتصادية هي الشيء الوحيد الذي يتطور ويتغير -إلى الأسوأ- في لبنان، تبقى سائر أحوال لبنان كما هي دون تغيير، وأبرزها بالطبع دوره بوصفه مسرحا للحروب السياسية والتجارية بين الشرق والغرب، والذي تعكسه المنافسة النفطية المحتدمة اليوم بين واشنطن وطهران. فبعد أن فاجأ زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله الجميع بإعلانه عن نجاح جهوده في جلب الوقود من الحليف الإيراني، دخل الأميركيون على الخط لتقويض الخطوة الإيرانية بمشروع دولي لتزويد لبنان بالطاقة، وهي منافسة تزيد من هيمنة الاستقطاب الإقليمي على الساحة اللبنانية وتعقِّد أزمة البلاد الاقتصادية وإن منحتْها انفراجة نسبية في قضية الوقود.
في منتصف أغسطس/آب الماضي، التف جمع من اللبنانيين حول أرض تحتوي على خزان وقود في بلدة التليل بمنطقة عكار شمال لبنان، حيث كان عناصر من الجيش اللبناني يوزعون الوقود على المواطنين من الخزان المخبأ الذي اكتشفوه للتو في قطعة أرض خصصت لتخزين حصا البناء. وفيما كان المواطنون ينتظرون بلهفة للحصول أخيرا على حصة جيدة من الوقود، انفجر الخزان، ما أدى إلى مقتل 79 جنديا ومدنيا على الأقل، فيما نقل عشرات المصابين إلى مستشفيات عكار وطرابلس وبيروت.

رغم أن أزمة الوقود اللبنانية بقيت طيلة سنوات من الملفات الشائكة، فإنها وصلت إلى مستوى غير مسبوق بسبب الجمود المتواصل بين الخصوم السياسيين المحليين منذ أكتوبر/تشرين الأول عام 2019، حين خرج اللبنانيون من منازلهم إلى الشوارع مطالبين بمحاسبة الفاسدين وإنقاذ البلاد التي فقدت حكومتها القدرة على تحمل تكاليف الواردات الرئيسة أو دعم السلع الأساسية، ما أدى إلى حدوث نقصٍ ضخم في الكهرباء والبنزين والأدوية.


بحث

ADS

تابعنا

ADS