أثار توقيع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوما بضم أراض أوكرانية تشمل أربع مناطق إلى روسيا ردود فعل غاضبة في الاتحاد الأوروبي وأمريكا وعدد من الدول.
ففي واشنطن، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن فرض عقوبات جديدة على روسيا، ردا على ما وصفه بـ”محاولة موسكو الاحتيالية” لضم الأراضي الأوكرانية ذات السيادة”.
عقوبات أمريكية
وقال الرئيس الأمريكي -في بيان نشره البيت الأبيض عبر موقعه الإلكتروني اليوم الجمعة- إن الولايات المتحدة تعلن إلى جانب حلفائها وشركائها عن عقوبات جديدة اليوم على أفراد وكيانات داخل روسيا وخارجها والذين يقدمون الدعم السياسي أو الاقتصادي “للمحاولات غير القانونية لتغيير وضع الأراضي الأوكرانية”.
وأضاف: “سنحشد المجتمع الدولي للتنديد بهذه التحركات ومحاسبة روسيا، مضيفا: وسنستمر كذلك في تزويد أوكرانيا بالمعدات التي تحتاجها للدفاع عن نفسها دون أن تردعنا جهود روسيا الوقحة لإعادة ترسيم حدود جارتها”، على حد وصفه.
وأعرب الرئيس الأمريكي عن تطلعه إلى توقيع قانون من الكونجرس من شأنه أن يوفر 12 مليار دولار إضافية لدعم أوكرانيا.
وحث جميع أعضاء المجتمع الدولي على رفض محاولات روسيا غير القانونية للضم والوقوف إلى جانب شعب أوكرانيا لأطول فترة ممكنة.
وقال “روسيا تنتهك القانون الدولي وتدوس بالأقدام على ميثاق الأمم المتحدة وتظهر ازدراءها للدول المسالمة في كل مكان”، وأكد أهمية ألا يكون هناك أي لبس بأن هذه الأفعال لا شرعية لها، مشددا على احترام الولايات المتحدة دائمًا حدود أوكرانيا المعترف بها دوليًا.
وجدد الرئيس الأمريكي التزام واشنطن بواصلة دعم جهود أوكرانيا لاستعادة السيطرة على أراضيها من خلال تعزيزها عسكريًا ودبلوماسيًا، بما في ذلك تقديم مزيد من المساعدة الأمنية التي أعلنت عنها الولايات المتحدة هذا الأسبوع بقيمة 1.1 مليار دولار.
وفي السياق ذاته، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية فرض عقوبات وقيود على تأشيرات 910 أفراد روس، ردًا على إعلان روسيا نتيجة استفتاء ضم أربع مناطق أوكرانية إليها.
وقال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن -في بيان أوردته قناة “سي إن إن” الأمريكية- إن بلاده ترفض بصورة قاطعة محاولة روسيا التي وصفها بـ “الاحتيالية” لتغيير الحدود الأوكرانية المعترف بها دوليًا.
وأضاف أن وزارة الخارجية الأمريكية تفرض قيودًا على تأشيرات 910 أفراد روس -بينهم أعضاء في القوات المسلحة للاتحاد الروسي ومسئولين عسكريين من بيلاروسيا ووكلاء روسيا- لانتهاك موسكو السيادة الأوكرانية ووحدة أراضيها واستقلالها السياسي.
وتابع “تصدر الولايات المتحدة تحذيرًا واضحًا مدعوما من قادة مجموعة الدول الصناعية السبع: سنحاسب أي فرد أو كيان أو دولة تقدم دعمًا سياسيًا واقتصاديًا لمحاولات روسيا غير القانونية لتغيير وضع أراضي أوكرانيا”، وأوضح أن وزارتي الخزانة والتجارة أمريكيتين “تصدران توجيهات جديدة بشأن العقوبات المشددة ومخاطر مراقبة الصادرات للكيانات والأفراد داخل روسيا أو خارجها الذين يدعمون استفتاء روسيا والضم المزعوم واحتلال جزء من أوكرانيا”.
وأردف “سنواصل الجهود المنسقة والقوية التي تبذلها الولايات المتحدة لمحاسبة روسيا، وعزل جيش روسيا عن التجارة العالمية والحد بشدة من قدرته على الحفاظ على عدوانه”.
وفي بروكسل، أدان الاتحاد الأوروبي اليوم خطوة إعلان روسيا ضم أربع مناطق أوكرانية إليها، مشيرا إلى أنه لن يعترف أبدا بالاستفتاءات “غير القانونية” التي أجرتها روسيا في أوكرانيا.
وأكد الاتحاد الأوروبي -حسبما ذكرت قناة “سكاي نيوز” البريطانية في نشرتها الناطقة بالإنجليزية- أن الاستفتاءات كانت ذريعة لـ “هذا الانتهاك الإضافي لاستقلال أوكرانيا وسيادتها ووحدة أراضيها”، مهددة بفرض المزيد من العقوبات ضد روسيا من أجل ممارسة المزيد من الضغوط عليها.
بدورها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إن “الضم غير القانوني لمناطق أوكرانية الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يغير أي شيء”.
وأضافت دير لاين -حسبما ذكرت قناة “يورونيوز” الأوروبية في نشرتها الناطقة بالإنجليزية- أن “جميع الأراضي التي احتلها الغزاة الروس بشكل غير قانوني هي أراضي أوكرانية وستظل دائما جزءا من هذه الدولة ذات السيادة”، مشيرة إلى أنه سيتم تعزيز الإجراءات التقييدية من أجل مواجهة الإجراءات غير القانونية لروسيا.
وتابعت دير لاين أنه “سيتم ممارسة المزيد من الضغوط على روسيا من أجل إنهاء حربها العدوانية”، مؤكدة أن الاتحاد الأوروبي يقف بجانب أوكرانيا وسيواصل تقديم دعم اقتصادي وعسكري واجتماعي ومالي قوي لها مهما كلف الأمر.
المفوضية الأوروبية
وفي سياق متصل، أصدرت المفوضية الأوروبية إرشادات جديدة لزيادة التشديد على تأشيرات دخول مواطنين روس إلى التكتل.
وقالت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية إيلفا يوهانسون -حسبما نقلت شبكة “يورو نيوز” الأوروبية- إن القواعد الجديدة كانت ردًا على التهديد الأمني الذي قد يشكله السماح لعدد أكبر من المواطنين الروس الفارين من التجنيد العسكري بالدخول إلى التكتل.
كما أوضحت أن الاجراءات الأخيرة تأتي أيضًا ردًا على ما وصفته بـ”الوضع الخطر” الذي أثير من خلال ضم روسيا لأربعة مناطق أوكرانية والهجوم على اثنين من خطوط أنابيب الغاز تحت الماء.
ودعت يوهانسون الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى إجراء تقييم أمني أكثر شمولا لكل طلب فيزا قصير المدى، مشيرة إلى أنه إذا كان هناك أي شك في أن الشخص ينتوي الإقامة أكثر من الفترة القياسية المقررة 90 يومًا أو قد يشكل تهديدًا أمنيًا، فإنه يجب رفض تأشيرة الدخول.
كان الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” قد وقع في سابق اليوم في مقر الكرملين على اتفاقيات ضم 4 مناطق أوكرانية إلى بلاده، قائلا “من أجل روسيا العظمى أُعلن ضم 4 أقاليم أوكرانية لبلادنا”.
وفي كييف، قال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا إن الضم المقرر اليوم من قبل روسيا لأربع مناطق أوكرانية في أعقاب الاستفتاءات لا يغير شيئا بالنسبة لأوكرانيا والعالم.
وأضاف كوليبا -في تصريح خاص أدلى به لقناة “فرنسا 24” الإخبارية في نشرتها الناطقة بالإنجليزية- أن قرارات الضم لمناطق أوكرانية والتعبئة الجزئية الأخيرة لقوات الجيش في روسيا، تعد “علامة على ضعف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين”، مشيرا إلى أن “العديد من الروس سيموتون لأن بوتين لايمكنه الاعتراف بأنه يخسر هذه الحرب”.
وتابع “إن ضم روسيا لأربع مناطق أوكرانية – دونستيك ولوجانسك وخيرسون وزابوروجيا – حيث أجريت استفتاءات في وقت سابق من الأسبوع الجاري في هذا الشأن، لم يغير شيئا لبلاده والعالم”.. مشيرا إلى أن روسيا لم تسيطر على جميع هذه المناطق، كما أن القوات الأوكرانية تتقدم بشكل جيد في منطقة دونيتسك.
وأكد كوليبا أن قرار الضم يعني أن الحديث مع فلاديمير بوتين أصبح الآن لامعنى له.. وحث العالم على عدم الخوف من التهديد الروسي باستخدام الأسلحة النووية التكتيكية، واصفا إياه بأنه “عمل يائس”.
وانتقد كوليبا حزمة عقوبات الاتحاد الأوروبي الجديدة الجارية مناقشتها حيث أنها “لا تتوافق مع مستوى التهديد الذي تشكله محاولة الضم لمناطق أوكرانية من قبل روسيا واستمرار العدوان على أوروبا”.
وحول الحبوب الأوكرانية، نفى كوليبا مزاعم بوتين بأن الحبوب المصدرة من أوكرانيا عبر البحر الأسود كانت متجهة إلى الدول الغنية، واصفا إياها بأنها تعد “كذبة”، وقال إن معظم الشحنات يتم توجيهها إلى إفريقيا وآسيا.
الاستخبارات العسكرية الأوكرانية
بدوره، كشف المتحدث باسم الاستخبارات العسكرية الأوكرانية فاديم سكيبيتسكي، اليوم، أن روسيا تحاول إقناع أوروبا بأن الاستفتاءات الزائفة في الأراضي الأوكرانية المحتلة مؤقتًا تم إجراؤها وفقًا للقانون الدولي.
وقال سكيبيتسكي- في تصريح نقلته وكالة أنباء (يوكرنفورم) الأوكرانيةـ إن إدارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هي من أعدت ونسقت هذه الاستفتاءات الصورية. وانتشر كبار المسؤولون الروس في الأراضي المحتلة مؤقتًا في أوكرانيا، بينما قدم مسؤولون يمثلون المناطق الفيدرالية الروسية المساعدة إلى ما يسمى لجان الانتخابات.
وأشار مسؤول المخابرات أيضًا إلى أن روسيا قامت بحملة إعلامية قوية، بهدف رئيسي هو إقناع الجماهير الأوروبية بأن “الغزاة” يلتزمون بقواعد القانون الدولي، على حد تعبيره.
وبحسب الاستخبارات الأوكرانية، كان الروس ينقلون الناس من منطقة روستوف وشبه جزيرة القرم من أجل تصوير “حشد من الناخبين” لإظهار مدى “سعادة الناس ومدى حشدهم حول التصويت”. ومن المتوقع عرض هذه الصورة على الشعب الروسي، وكذلك محاولة إقناع أوروبا بأن هذه الانتخابات تتماشى مع القانون الدولي.
واختتم سكيبيتسكي بالقول: “لكننا ندرك أنها خدعة. هذه حملة إعلامية قوية أخرى تقودها روسيا للتستر على جرائمها”.
وفي لندن، صرحت رئيسة الوزراء البريطانية، ليز تراس، اليوم، بأن المملكة المتحدة لن تعترف أبدًا بضم مناطق دونيتسك ولوهانسك وخيرسون وزابوريجيا الأوكرانية.
وقالت تراس -في بيان نقلته وكالة أنباء “يوكرينفورم” الأوكرانية- إنه “لا يمكن السماح لبوتين بتغيير الحدود الدولية باستخدام القوة الغاشمة. وسنضمن خسارته لهذه الحرب غير الشرعية”.
كما أشارت إلى أن “بوتين، مرة أخرى، تصرف بشكل ينتهك القانون الدولي مع تجاهل واضح لأرواح الشعب الأوكراني الذي يدعي أنه يمثله”.
وأضاف تروس: “لن تتجاهل المملكة المتحدة أبدًا الإرادة السيادية لهؤلاء الأشخاص ولن نقبل أبدًا بمناطق دونيتسك ولوهانسك وخيرسون وزابوريجيا على أنها أي شيء سوى أراضي أوكرانية”.
و قام وزير الدفاع البريطاني بن والاس هذا الأسبوع بزيارة سرية إلى كييف لمناقشة زيادة المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
بدورها، أعلنت وزارة الخارجية البريطانية أنها استدعت السفير الروسي لديها للإعراب عن احتجاجها ب”أشد العبارات الممكنة” على إعلان الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” ضم أربع مناطق أوكرانية إلى بلاده.
ذكرت ذلك قناة “سكاي نيوز” البريطانية في نشرتها الناطقة بالإنجليزية، دون التطرق إلى المزيد من التفاصيل بهذا الصدد.
وفي وارسو، أدانت وزارة الخارجية البولندية اليوم إعلان روسيا ضم أربع مناطق أوكرانية إليها، داعية إلى زيادة الدعم العسكري لكييف وبذل المزيد من الجهود من أجل عزل روسيا دوليا بسبب غزوها لأوكرانيا.
وأفادت الوزارة – في بيان نقله راديو”بولندا” في نشرته الناطقة بالإنجليزية – بأنها “تدين بأشد العبارات الأعمال غير القانونية المتمثلة في الاعتراف بالاستقلال وضم أجزاء من مناطق أوكرانيا وهي خيرسون ودونيتسك ولوجانسك وزابوروجيا إلى الاتحاد الروسي.. هذه المناطق تعد جزءا لا يتجزأ من أوكرانيا وفقا للقانون الدولي”.
وأضافت الوزارة أن بولندا لا ولن تعترف بنتائج الاستفتاءات الزائفة التي أجريت في هذه المناطق بين 23 و27 سبتمبر الجاري، كما أنها لا ولن تعترف بقرارات الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” المتعلقة بضم هذه الأراضي والصادرة في 29 و30 سبتمبر الجاري، موضحة أن “هذه الأعمال تعد انتهاكا مباشرا للقانون الدولي ومحاولة جريئة أخرى للاستيلاء على أجزاء من الأراضي الأوكرانية من قبل روسيا التي تسعى لتصعيد النزاع وترفض تسويته بشكل سلمي.
وأكدت الوزارة أن المجتمع الدولي لا يمكنه أن يظل مكتوف الأيدي في مواجهة هذا الانتهاك الصارخ للمبادئ الأساسية للنظام الدولي، داعية أعضاء المجتمع الدولي إلى زيادة الدعم العسكري بشكل حاسم وعاجل لأوكرانيا وكذلك فرض المزيد من العقوبات ضد روسيا.
وذكرت الوزارة “نحن نؤيد استمرار الجهود الرامية إلى عزل دولي كامل لروسيا.. نحن نعترف باستقلال أوكرانيا وسيادتها ووحدة أراضيها في حدودها المعترف بها دوليا.. ونؤكد على حق أوكرانيا السيادي في الدفاع عن نفسها واتخاذ أي إجراءات ضرورية من أجل استعادة السيطرة الكاملة على أراضيها التي احتلتها روسيا مؤقتا.. وسنواصل دعمنا لجهود أوكرانيا الرامية إلى صد العدوان الروسي”.
ودعت الوزارة روسيا إلى “الوقف الفوري لجميع انتهاكات القانون الدولي والانسحاب الفوري والكامل لقواتها من جميع الأراضي الأوكرانية”.
وفي براغ، قال رئيس الوزراء التشيكي بيتر فيالا، اليوم، إن بلاده لا تعترف بالاستفتاءات الخاصة بضم المناطق الأوكرانية الأربع إلى روسيا، مشيرا إلى أن ضم هذه الأراضي من قبل الاتحاد الروسي يعد أمرا “غير مقبولا وغير شرعيا”.
وأضاف فيالا -في تغريدة على موقع التدوينات القصيرة (تويتر) نقلها راديو “براغ” الدولي في نشرته الناطقة بالإنجليزية- أن الحكومة التشيكية تعتبر هذه الأراضي أوكرانية.
تأتي هذه التصريحات بعدما وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سابق اليوم في مقر الكرملين على اتفاقيات ضم أربع مناطق أوكرانية إلى بلاده، قائلا “من أجل روسيا العظمى أُعلن ضم أربعة أقاليم أوكرانية لبلادنا”.